روائع مختارة | قطوف إيمانية | عقائد وأفكار | كشف شبهات الصوفية ـ8

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > عقائد وأفكار > كشف شبهات الصوفية ـ8


  كشف شبهات الصوفية ـ8
     عدد مرات المشاهدة: 1861        عدد مرات الإرسال: 0

¤ الرد على الشبهات تفصيلا:

=الشبهة الرابعة عشرة:

* قالوا: من الأدلة على جواز دعاء الصالحين وندائهم، ما ذكره الله عز وجل عن نبيه سليمان عليه السلام وقوله لآصف بن برخيا وقد طلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله، قال عز وجل: {قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ*قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ*قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل:38-40].

وقوله عز وجل: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} أي: ارفع بصرك وانظر مُدّ بصرك مما تقدر عليه، فإنك لا يكلّ بصرك إلا وهو حاضر عندك، وذُكر أنه أمره أن ينظر نحو اليمن التي فيها هذا العرش المطلوب، ثم قام فتوضأ، ودعا الله عز وجل، قال مجاهد: قال: يا ذا الجلال والإكرام، وقال الزهري: قال: يا إلهنا وإله كل شيء، إلهًا واحدًا، لا إله إلا أنت، ائتني بعرشها، قال: فتمثل له بين يديه.

* الرد:

ما الدليل على أن المقصود هو آصف بن برخيا؟ إن قصة آصف بن برخيا لم يرِدْ فيها حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما نعلم، نريد إسناداً -على الأقل- لهذه القصة؟ ففي المسألة أقوال كثيرة، أقواها أربعة أقوال وهي:

1= أنه آصف بن برخيا كاتب سليمان عليه السلام.

2= أنه سليمان عليه السلام نفسه.

3= أنه جبريل عليه السلام.

4= أنه ملك من الملائكة.

-القول الأول: بأنه آصف بن برخيا، وكان وزيراً لسليمان عليه السلام، وكان صدّيقاً يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، وهذا القول رواه محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان، وهذا إسناد لا يسمن ولا يغني من جوع، فإن بين يزيد بن رومان وبين سليمان عليه السلام مفاوز تقطع دونها أعناق الإبل.

-القول الثاني: قال ابن عطية: وقالت فرقة هو سليمان نفسه، ويكون الخطاب على هذا للعفريت، كأن سليمان إستبطأ ما قاله العفريت فقال له تحقيراً له: {أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}، وهذا القول أقرب لمعنى الآية، ودلالته ظاهرة، ورجحه بعض العلماء، لأن سليمان عليه السلام نبي ورسول وملِك، فلا ينبغي أن يكون من حاشيته أعلم بالكتاب منه، فالذي عنده علم من الكتاب أيكون أحد حاشيته أو كاتبه؟ ويكون لديه من القوة أعظم مما لدى سليمان نفسه؟ وكيف يكون ذلك وقد إستجاب الله دعوة سليمان {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص:35]، فكيف يكون لكاتبه قوة أقوى منه؟ أليست القوة من أهم أسباب الملك، ولاسيما وأنه نبي مؤيد بالمعجزات؟ فبدهي أن يكون عند سليمان علم من الكتاب، وذلك من باب أولى من جميع أفراد مملكته، وإلا فيكون في مملكته من هو أصلح للنبوة والملك منه؟!! فهل يعقل أن يكون عند آصف علم من الكتاب، وسليمان يجهل هذا العلم؟!

إذا لم يكن المقصود هو سليمان عليه السلام، فإما من أن يكون جبريل عليه السلام أو يكون مَلَكاً آخر، وسواءً كان هو القول الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع فإنه ليس به أي دلالة لما يُريدُ أن يستدل به المستغيثون بغير الله.

فعلى فرض أن قصة آصف صحيحة -وهي ليست كذلك- فإنها من أدلة التوحيد، حيث إن آصف توسل إلى الله بتوحيده وإلهيته، وكرر ذلك في دعائه، وقد قيل إنه يعرف الاسم الأعظم، فهو طالب من الله، راغب إليه سائل له، وسليمان عليه السلام آمِر ليس بسائل ولا طالب، وفرق بين الأمر والمسألة: فالأمر هو طلب فعل الشيء على وجه الإستعلاء، وأما المسألة فهي طلب الشيء على وجه الضعف والرجاء والتذلل، وأمر سليمان لآصف هو من باب أمر السيد لمملوكه والأب لإبنه والملك لرعيته، وهذا من جنس الأسباب العادية، فإن الرجل إذا كان معروفاً بالصلاح وإجابة الدعاء فطُلِب منه الدعاء، أو أمِر به فدعا الله وإستجيب له، لا يكون هو الفاعل للإستجابة، وليس المطلوب منه ما يختص بالله من الفعل، وإنما يطلب منه ما يختص به من الدعاء والتضرع، فالآية من أدلة التوحيد، وصرف الوجوه إلى الله، وإقبال القلوب عليه، فإن آصف توسلَ إلى الله بتوحيده وربوبيته، وقصَدَه وحده، ولم يقصد سليمان ولا غيره، مع أن سليمان أفضل منه لنبوته.

وفي هذه القصة أن الأنبياء لا يُسألون ولا يُقصَدون، بل ربما صار حصول مقصودهم، ونيل مطلوبهم على يد من هو دونهم من المؤمنين، وإن أعظم الوسائل، وأشرف المقاصد هو: توحيد الله بعبادته ودعائه وحده لا شريك له كما فعل آصف. وفيها براءة أولياء الله من الحول والقوة كما دلت عليه القصة، فإنه توضأ وصلى ودعا.

الكاتب: شحاتة صقر.

المصدر: موقع دعوة الانبياء.